فصل: سورة الذاريات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (36- 45):

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}
خوّف سبحانه أهل مكة بما اتفق للقرون الماضية {قَبْلَهُمْ} أي: قبل قريش ومن وافقهم {مّن قَرْنٍ} أي: من أمة {هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً} أي: قوة، كعاد وثمود، وغيرهما {فَنَقَّبُواْ في البلاد} أي: ساروا وتقلبوا فيها وطافوا بقاعها وأصله من النقب، وهو الطريق. قال مجاهد: ضربوا وطافوا.
وقال النضر بن شميل: دوّروا، وقال المؤرج: تباعدوا. والأوّل أولى، ومنه قول امرئ القيس:
وقد نقبت في الآفاق حتى ** رضيت من الغنيمة بالإياب

ومنه قول الحارث بن حلزة:
نقبوا في البلاد من حذر المو ** ت وجالوا في الأرض كل مجال

وقرأ ابن عباس، والحسن، وأبو العالية، وأبو عمرو في رواية: {نقبوا} بفتح القاف مخففة، والنقب هو: الخرق والطريق في الجبل، وكذا المنقب والمنقبة، كذا قال ابن السكيت، وجمع النقب نقوب. وقرأ السلمي، ويحيى بن يعمر بكسر القاف مشدّدة على الأمر للتهديد، أي: طوّفوا فيها وسيروا في جوانبها. وقرأ الباقون بفتح القاف مشدّدة على الماضي {هَلْ مِن مَّحِيصٍ} أي: هل لهم من مهرب يهربون إليه، أو مخلص يتخلصون به من العذاب؟ قال الزجاج: لم يروا محيصاً من الموت، والمحيص: مصدر حاص عنه يحيص حيصاً وحيوصاً ومحيصاً ومحاصاً وحيصاناً، أي: عدل وحاد، والجملة مستأنفة لبيان أنه لا مهرب لهم، وفي هذا إنذار لأهل مكة أنهم مثل من قبلهم من القرون لا يجدون من الموت والعذاب مفرًّا {إِنَّ في ذَلِكَ لذكرى} أي: فيما ذكر من قصتهم تذكرة وموعظة {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} أي: عقل. قال الفراء: وهذا جائز في العربية، تقول: ما لك قلب وما قلبك معك، أي: ما لك عقل وما عقلك معك، وقيل: المراد: القلب نفسه؛ لأنه إذا كان سليماً أدرك الحقائق وتفكر كما ينبغي. وقيل: لمن كان له حياة ونفس مميزة فعبر عن ذلك بالقلب؛ لأنه وطنها ومعدن حياتها، ومنه قول امرئ القيس:
أغرّك مني أن حبك قاتلي ** وأنك مهما تأمري النفس تفعل

{أَوْ أَلْقَى السمع} أي: استمع ما يقال له، يقال: ألق سمعك إليّ، أي: استمع مني، والمعنى: أنه ألقى السمع إلى ما يتلى عليه من الوحي الحاكي لما جرى على تلك الأمم. قرأ الجمهور {ألقى} مبنياً للفاعل. وقرأ السلمي، وطلحة، والسديّ على البناء للمفعول، ورفع {السمع} {وَهُوَ شَهِيدٌ} أي: حاضر الفهم، أو حاضر القلب؛ لأن من لا يفهم في حكم الغائب وإن حضر بجسمه، فهو لم يحضر بفهمه. قال الزجاج: أي: وقلبه حاضر فيما يسمع. قال سفيان: أي: لا يكون حاضراً وقلبه غائب. قال مجاهد، وقتادة: هذه الآية في أهل الكتاب، وكذا قال الحسن.
وقال محمد بن كعب، وأبو صالح: إنها في أهل القرآن خاصة. {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السموات والارض وَمَا بَيْنَهُمَا في سِتَّةِ أَيَّامٍ} قد تقدّم تفسير هذه الآية في سورة الأعراف، وغيرها. {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} اللغوب: التعب والإعياء، تقول: لغب يلغب بالضم لغوباً. قال الواحدي: قال جماعة المفسرين: إن اليهود قالوا: خلق الله السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، أوّلها الأحد وآخرها الجمعة، واستراح يوم السبت، فأكذبهم الله تعالى بقوله: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ}. {فاصبر على مَا يَقُولُونَ} هذه تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمر لهم بالصبر على ما يقوله المشركون، أي: هوّن عليك، ولا تحزن لقولهم، وتلقّ ما يرد عليك منه بالصبر {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب} أي: نزّه الله عما لا يليق بجنابه العالي ملتبساً بحمده وقت الفجر ووقت العصر، وقيل: المراد: صلاة الفجر وصلاة العصر، وقيل: الصلوات الخمس، وقيل: صلّ ركعتين قبل طلوع الشمس، وركعتين قبل غروبها، والأوّل أولى. {وَمِنَ اليل فَسَبّحْهُ} {من} للتبعيض، أي: سبّحه بعض الليل، وقيل: هي صلاة الليل، وقيل: ركعتا الفجر، وقيل: صلاة العشاء، والأوّل أولى {وأدبار السجود} أي: وسبّحه أعقاب الصلوات. قرأ الجمهور أدبار بفتح الهمزة جمع دبر. وقرأ نافع، وابن كثير، وحمزة بكسرها على المصدر، من أدبر الشيء إدباراً: إذا ولى، وقال جماعة من الصحابة والتابعين: إدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم: الركعتان قبل الفجر، وقد اتفق القراء السبعة في {إدبار النجوم} [الطور: 49] أنه بكسر الهمزة، كما سيأتي. {واستمع يَوْمَ يُنَادِ المناد مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} أي: استمع ما يوحى إليك من أحوال القيامة: يوم ينادي المناد، وهو إسرافيل، أو جبريل، وقيل: استمع النداء، أو الصوت، أو الصيحة، وهي صيحة القيامة، أعني: النفخة الثانية في الصور من إسرافيل، وقيل: إسرافيل ينفخ، وجبريل ينادي أهل المحشر، ويقول: هلموا للحساب، فالنداء على هذا في المحشر، قال مقاتل: هو إسرافيل ينادي بالحشر فيقول: يا أيها الناس هلموا للحساب {مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} بحيث يصل النداء إلى كل فرد من أفراد أهل المحشر. قال قتادة: كنا نحدّث أنه ينادي من صخرة بيت المقدس. قال الكلبي: وهي أقرب الأرض إلى السماء باثني عشر ميلاً، وقال كعب: بثمانية عشر ميلاً {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة بالحق} هو بدل من {يوم يناد} يعني: صيحة البعث، و{بالحق} متعلق بالصيحة {ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} أي: يوم الخروج من القبور. قال الكلبي: معنى {بالحق} بالبعث.
وقال مقاتل: يعني: أنها كائنة حقاً. {إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ} أي: نحيي في الآخرة، ونميت في الدنيا لا يشاركنا في ذلك مشارك، والجملة مستأنفة لتقرير أمر البعث {وَإِلَيْنَا المصير}، فنجازي كل عامل بعمله {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرض عَنْهُمْ} قرأ الجمهور بإدغام التاء في الشين، وقرأ الكوفيون بتخفيف الشين على حذف إحدى التاءين تخفيفاً.
وقرأ زيد بن علي: {تتشقق} بإثبات التاءين على الأصل، وقرئ على البناء للمفعول، وانتصاب {سِرَاعاً} على أنه حال من الضمير في عنهم، والعامل في الحال تشقق، وقيل: العامل في الحال هو العامل في {يوم} أي: مسرعين إلى المنادي الذي ناداهم {ذَلِكَ حَشْرٌ} أي: بعث وجمع {عَلَيْنَا يَسِيرٌ} هين. ثم عزّى الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} يعني: من تكذيبك فيما جئت به، ومن إنكار البعث والتوحيد {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} أي: بمسلط يجبرهم ويقهرهم على الإيمان، والآية منسوخة بآية السيف {فَذَكّرْ بالقرءان مَن يَخَافُ وَعِيدِ} أي: من يخاف وعيدي لعصاتي بالعذاب، وأما من عداهم فلا تشتغل بهم، ثم أمره الله سبحانه بعد ذلك بالقتال.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} قال: من نصب.
وأخرج الطبراني في الأوسط، وابن عساكر عن جرير بن عبد الله، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس}: «صلاة الصبح» {وَقَبْلَ الغروب} «صلاة العصر».
وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال: بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، ثم خرج إلى الصلاة، فقال: «يا ابن عباس ركعتان قبل صلاة الفجر إدبار النجوم، وركعتان بعد المغرب إدبار السجود».
وأخرج مسدّد في مسنده، وابن المنذر، وابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إدبار النجوم، وإدبار السجود، فقال: «إدبار السجود: ركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم: الركعتان قبل الغداة».
وأخرج محمد بن نصر في الصلاة، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب: إدبار السجود: ركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم: ركعتان قبل الفجر.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في الأسماء والصفات عن عليّ بن أبي طالب مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن أبي هريرة مثله.
وأخرج البخاري، وغيره عن مجاهد قال: قال ابن عباس: أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها.
وأخرج ابن جرير عنه {واستمع يَوْمَ يُنَادِ المناد} قال: هي الصيحة.
وأخرج الواسطي عنه أيضاً {مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} قال: من صخرة بيت المقدس.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن المنذر عنه أيضاً {ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} قال: يوم يخرجون إلى البعث من القبور.
وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: قالوا: يا رسول الله لو خوّفتنا، فنزلت: {فَذَكّرْ بالقرءان مَن يَخَافُ وَعِيدِ}.

.سورة الذاريات:

هي ستون آية.
وهي مكية.
قال القرطبي: في قول الجميع.
وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: نزلت سورة الذاريات بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.

.تفسير الآيات (1- 23):

{وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)}
قوله: {والذريات ذَرْواً} يقال: ذرت الريح التراب تذروه ذرواً، وأذرته تذريه ذرياً، أقسم سبحانه بالرّياح التي تذري التراب، وانتصاب {ذرواً} على المصدرية، والعامل فيها اسم الفاعل، والمفعول محذوف. قرأ أبو عمرو، وحمزة بإدغام تاء الذاريات في ذال ذرواً. وقرأ الباقون بدون إدغام. وقيل: المقسم به مقدّر وهو ربّ الذاريات وما بعدها، والأوّل أولى {فالحاملات وِقْراً} هي السحاب تحمل الماء، كما تحمل ذوات الأربع الوقر، وانتصاب {وقراً} على أنه مفعول به، كما يقال: حمل فلان عدلاً ثقيلاً. قرأ الجمهور: {وقراً} بكسر الواو اسم ما يوقر أي: يحمل، وقرئ بفتحها على أنه مصدر، والعامل فيه اسم الفاعل، أو على تسمية المحمول بالمصدر مبالغة {فالجاريات يُسْراً} هي السفن الجارية في البحر بالرّياح جرياً سهلاً، وانتصاب {يسراً} على المصدرية، أو صفة لمصدر محذوف، أو على الحال، أي: جرياً ذا يسر، وقيل: هي الرّياح، وقيل: السحاب، والأوّل أولى. واليسر: السهل في كل شيء {فالمقسمات أَمْراً} هي الملائكة التي تقسم الأمور. قال الفرّاء: تأتي بأمر مختلف: جبريل بالغلظة، وميكائيل صاحب الرحمة، وملك الموت يأتي بالموت، وقيل: تأتي بأمر مختلف من الجدب، والخصب، والمطر، والموت، والحوادث. وقيل: هي السحب التي يقسم الله بها أمر العباد، وقيل: إن المراد بالذاريات والحاملات والجاريات والمقسمات: الرياح، فإنها توصف بجميع ذلك؛ لأنها تذرو التراب، وتحمل السحاب، وتجري في الهواء، وتقسم الأمطار، وهو ضعيف جدًّا. وانتصاب {أمراً} على المفعول به، وقيل: على الحال، أي: مأمورة، والأوّل أولى {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لصادق} هذا جواب القسم، أي: إنما توعدون من الثواب والعقاب، لكائن لا محالة. و{ما} يجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف، وأن تكون مصدرية. ووجه تخصيص هذه الأمور بالإقسام بها كونها أموراً بديعة مخالفة لمقتضى العادة، فمن قدر عليها، فهو قادر على البعث الموعود به. {والسماء ذَاتِ الحبك} قرأ الجمهور {الحبك} بضم الحاء والباء، وقرئ بضم الحاء وسكون الباء، وبكسر الحاء وفتح الباء، وبكسر الحاء وضم الباء. قال ابن عطية: هي لغات، والمراد بالسماء هنا: هي المعروفة، وقيل: المراد بها السحاب، والأوّل أولى.
واختلف المفسرون في تفسير الحبك؛ فقال مجاهد، وقتادة، والربيع، وغيرهم: المعنى ذات الخلق المستوي الحسن. قال ابن الأعرابي: كل شيء أحكمته وأحسنت عمله، فقد حبكته واحتبكته.
وقال الحسن، وسعيد بن جبير: ذات الزينة.
وروي عن الحسن أيضاً أنه قال: ذات النجوم.
وقال الضحاك: ذات الطرائق، وبه قال الفرّاء، يقال لما تراه من الماء والرّمل إذا أصابته الريح: حبك. قال الفراء: الحبك بكسر: كل شيء كالرمل إذا مرّت به الريح الساكنة، والماء إذا مرّت به الرّيح، ويقال لدرع الحديد: حبك، ومنه قول الشاعر:
كأنما جللها الحواك ** طنفسة في وشيها حباك

أي: طرق، وقيل: الحبك: الشدّة، والمعنى: والسماء ذات الشدّة، والمحبوك: الشديد الخلق من فرس أو غيره، ومنه قول الشاعر:
قد غدا يحملني في أنفه ** لاحق الأطلين محبوك ممرّ

وقول الآخر:
مرج الدين فأعددت له ** مشرف الحارك محبوك الكتد

قال الواحدي بعد حكاية القول الأوّل: هذا قول الأكثرين {إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ} هذا جواب القسم بالسماء ذات الحبك أي: إنكم يا أهل مكة لفي قول مختلف متناقض في محمد صلى الله عليه وسلم. بعضكم يقول: إنه شاعر. وبعضكم يقول: إنه ساحر، وبعضكم يقول: إنه مجنون. ووجه تخصيص القسم بالسماء المتصفة بتلك الصفة تشبيه أقوالهم في اختلافها باختلاف طرائق السماء، واستعمال الحبك في الطرائق هو الذي عليه أهل اللغة، وإن كان الأكثر من المفسرين على خلافه. على أنه يمكن أن ترجع تلك الأقوال في تفسير الحبك إلى هذا، وذلك بأن يقال: إن ما في السماء من الطرائق يصح أن يكون سبباً لمزيد حسنها، واستواء خلقها، وحصول الزينة فيها، ومزيد القوّة لها. وقيل: إن المراد بكونهم في قول مختلف أن بعضهم ينفي الحشر، وبعضهم يشكّ فيه، وقيل: كونهم يقرّون أن الله خالقهم، ويعبدون الأصنام {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} أي: يصرف عن الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، أو عن الحقّ، وهو البعث والتوحيد من صرف. وقيل: يصرف عن ذلك الاختلاف من صرفه الله عنه بالعصمة والتوفيق، يقال: أفكه يأفكه إفكاً أي: قلبه عن الشيء وصرفه عنه، ومنه قوله تعالى: {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا} [الأحقاف: 22] وقال مجاهد: يؤفن عنه من أفن، والأفن: فساد العقل، وقيل: يحرمه من حرم.
وقال قطرب: يجدع عنه من جدع.
وقال اليزيدي: يدفع عنه من دفع. {قُتِلَ الخراصون} هذا دعاء عليهم.
وحكى الواحدي عن المفسرين جميعاً أن المعنى: لعن الكذابون. قال ابن الأنباري: والقتل إذا أخبر به عن الله كان بمعنى اللعن؛ لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك. قال الفرّاء: معنى {قتل}: لعن. والخرّاصون: الكذابون الذين يتخرّصون فيما لا يعلمون، فيقولون: إن محمداً مجنون كذاب شاعر ساحر. قال الزجاج: الخرّاصون: هم الكذابون، والخرص: حزر ما على النخل من الرّطب تمراً، والخرّاص: الذي يخرصها، وليس هو المراد هنا، ثم قال: {الذين هُمْ في غَمْرَةٍ ساهون} أي: في غفلة وعمى جهالة عن أمور الآخرة، ومعنى ساهون: لاهون غافلون، والسهو: الغفلة عن الشيء وذهابه عن القلب، وأصل الغمرة: ما ستر الشيء وغطاه، ومنها غمرات الموت {يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدين} أي: يقولون متى يوم الجزاء تكذيباً منهم واستهزاءً، ثم أخبر سبحانه عن ذلك اليوم، فقال: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} أي: يحرقون ويعذبون، يقال: فتنت الذهب: إذا أحرقته لتختبره، وأصل الفتنة: الاختبار.
قال عكرمة: ألم تر أن الذهب إذا أدخل النار قيل: فتن. وانتصاب {يوم} بمضمر، أي: الجزاء يوم هم على النار، ويجوز أن يكون بدلاً من {يوم الدين}، والفتح للبناء لكونه مضافاً إلى الجملة، وقيل: هو منصوب بتقدير أعني. وقرأ ابن أبي عبلة برفع: {يوم} على البدل من يوم الدين، وجملة: {ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ} هي بتقدير القول، أي: يقال لهم: ذوقوا عذابكم، قاله ابن زيد.
وقال مجاهد: حريقكم، ورجح الأوّل الفرّاء، وجملة: {هذا الذي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} من جملة ما هو محكيّ بالقول، أي: هذا ما كنتم تطلبون تعجيله استهزاءً منكم، وقيل: هي بدل من فتنتكم. {إِنَّ المتقين في جنات وَعُيُونٍ} لما ذكر سبحانه حال أهل النار ذكر حال أهل الجنة، أي: هم في بستانين فيها عيون جارية لا يبلغ وصفها الواصفون {ءاخِذِينَ مَا ءاتاهم رَبُّهُمْ} أي: قابلين ما أعطاهم ربهم من الخير والكرامة. وجملة: {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} تعليل لما قبلها، أي: لأنهم كانوا في الدنيا محسنين في أعمالهم الصالحة من فعل ما أمروا به، وترك ما نهوا عنه. ثم بين إحسانهم الذي وصفهم به، فقال: {كَانُواْ قَلِيلاً مّن اليل مَا يَهْجَعُونَ} الهجوع: النوم بالليل دون النهار، والمعنى: كانوا قليلاً ما ينامون من الليل، و{ما} زائدة، ويجوز أن تكون مصدرية، أو موصولة أي: كانوا قليلاً من الليل هجوعهم، أو ما يهجعون فيه، ومن ذلك قول أبي قيس بن الأسلت:
قد حصت البيضة رأسي ** فما أطعم نوماً غير تهجاع

والتهجاع: القليل من النوم، ومن ذلك قول عمرو بن معدي كرب.
أمن ريحانة الداعي السميع ** يهيجني وأصحابي هجوع

وقيل: {ما} نافية، أي: ما كانوا ينامون قليلاً من الليل، فكيف بالكثير منه، وهذا ضعيف جدًّا. وهذا قول من قال: إن المعنى كان عددهم قليلاً. ثم ابتدأ فقال: {مَا يَهْجَعُونَ} وبه قال ابن الأنباري، وهو أضعف مما قبله.
وقال قتادة في تفسير هذه الآية: كانوا يصلون بين العشاءين، وبه قال أبو العالية، وابن وهب. {وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي: يطلبون في أوقات السحر من الله سبحانه أن يغفر ذنوبهم. قال الحسن: مدّوا الصلاة إلى الأسحار. ثم أخذوا بالأسحار الاستغفار.
وقال الكلبي، ومقاتل، ومجاهد: هم بالأسحار يصلون، وذلك أن صلاتهم طلب منهم للمغفرة.
وقال الضحاك: هي صلاة الفجر. ثم ذكر سبحانه صدقاتهم فقال: {وفي أموالهم حَقٌّ لَّلسَّائِلِ والمحروم} أي: يجعلون في أموالهم على أنفسهم حقاً للسائل والمحروم تقرّباً إلى الله عزّ وجلّ.
وقال محمد بن سيرين، وقتادة: الحق هنا: الزكاة المفروضة، والأوّل أولى، فيحمل على صدقة النفل، وصلة الرحم، وقري الضيف؛ لأن السورة مكية، والزكاة لم تفرض إلاّ بالمدينة، وسيأتي في سورة {سأل سائل}: {والذين في أموالهم حَقٌّ مَّعْلُومٌ لَّلسَّائِلِ والمحروم} [المعارج: 24، 25] بزيادة معلوم، والسائل هو: الذي يسأل الناس لفاقته.
واختلف في تفسير المحروم، فقيل: هو الذي يتعفف عن السؤال حتى يحسبه الناس غنياً، فلا يتصدّقون عليه، وبه قال قتادة، والزهري.
وقال الحسن، ومحمد ابن الحنفية: هو الذي لا سهم له في الغنيمة، ولا يجري عليه من الفيء شيء.
وقال زيد بن أسلم: هو الذي أصيب ثمره، أو زرعه، أو ماشيته. قال القرطبي: هو الذي أصابته الجائحة. وقيل: الذي لا يكتسب. وقيل: هو الذي لا يجد غنى يغنيه، وقيل: هو الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه. وقيل: هو المملوك. وقيل: الكلب. وقيل غير ذلك. قال الشعبي: لي اليوم سبعون سنة منذ احتلمت أسأل عن المحروم، فما أنا اليوم بأعلم مني فيه يومئذ، والذي ينبغي التعويل عليه ما يدلّ عليه المعنى اللغوي، والمحروم في اللغة: الممنوع، من الحرمان وهو المنع، فيدخل تحته من حرم الرزق من الأصل، ومن أصيب ماله بجائحة أذهبته، ومن حرم العطاء، ومن حرم الصدقة لتعففه. ثم ذكر سبحانه ما نصبه من الدلائل الدالة على توحيده، وصدق وعده ووعيده، فقال: {وَفِى الأرض ءايات لّلْمُوقِنِينَ} أي: دلائل واضحة، وعلامات ظاهرة من الجبال والبرّ والبحر والأشجار والأنهار والثمار، وفيها آثار الهلاك للأمم الكافرة المكذّبة لما جاءت به رسل الله ودعتهم إليه، وخص الموقنين بالله لأنهم الذين يعترفون بذلك ويتدبرون فيه، فينتفعون به {وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} أي: وفي أنفسكم آيات تدلّ على توحيد الله وصدق ما جاءت به الرّسل، فإنه خلقهم نطفة ثم علقة، ثم مضغة ثم عظماً، إلى أن ينفخ فيه الروح. ثم تختلف بعد ذلك صورهم، وألوانهم، وطبائعهم، وألسنتهم، ثم نفس خلقهم على هذه الصفة العجيبة الشأن من لحم ودم، وعظم وأعضاء، وحواسّ ومجاري ومنافس. ومعنى {أَفلاَ تُبْصِرُونَ}: أفلا تنظرون بعين البصيرة، فتستدلون بذلك على الخالق الرّازق المتفرّد بالألوهية، وأنه لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ، وأن وعده الحقّ، وقوله الحقّ، وأن ما جاءت إليكم به رسله هو الحقّ الذي لا شك فيه، ولا شبهة تعتريه. وقيل: المراد بالأنفس: الأرواح، أي: وفي نفوسكم التي بها حياتكم آيات {وَفِى السماء رِزْقُكُمْ} أي: سبب رزقكم، وهو المطر، فإنه سبب الأرزاق. قال سعيد بن جبير، والضحاك: الرزق هنا: ما ينزل من السماء من مطر وثلج. وقيل: المراد بالسماء: السحاب، أي: وفي السحاب رزقكم، وقيل: المراد بالسماء: المطر، وسماه سماء؛ لأنه ينزل من جهتها، ومنه قول الشاعر:
إذا نزل السماء بأرض قوم ** رعيناه وإن كانوا غضابا

وقال ابن كيسان: يعني: وعلى رب السماء رزقكم، قال: ونظيره: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا} [هود: 6] وهو بعيد.
وقال سفيان الثوري: أي: عند الله في السماء رزقكم. وقيل المعنى: وفي السماء تقدير رزقكم. قرأ الجمهور {رزقكم} بالإفراد، وقرأ يعقوب، وابن محيصن، ومجاهد {أرزاقكم} بالجمع {وَمَا تُوعَدُونَ} من الجنة والنار، قاله مجاهد. قال عطاء: من الثواب والعقاب، وقال الكلبي: من الخير والشرّ، قال ابن سيرين: ما توعدون من أمر الساعة، وبه قال الربيع. والأولى الحمل على ما هو أعمّ من هذه الأقوال، فإن جزاء الأعمال مكتوب في السماء، والقضاء والقدر ينزل منها، والجنة والنار فيها. ثم أقسم سبحانه بنفسه، فقال: {فَوَرَبّ السماء والأرض إِنَّهُ لَحَقٌّ} أي: ما أخبركم به في هذه الآيات. قال الزجاج: هو ما ذكر من أمر الرزق والآيات. قال الكلبي: يعني: ما قصّ في الكتاب.
وقال مقاتل: يعني: من أمر الساعة. وقيل: إن {مَا} في قوله: {وَمَا تُوعَدُونَ} مبتدأ، وخبره: {فَوَرَبّ السماء والأرض إِنَّهُ لَحَقٌّ}، فيكون الضمير لما. ثم قال سبحانه: {مّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} قرأ الجمهور بنصب {مثل} على تقدير: كمثل نطقكم و{ما} زائدة، كذا قال بعض الكوفيون: إنه منصوب بنزع الخافض.
وقال الزجاج، والفراء: يجوز أن ينتصب على التوكيد، أي: لحق حقاً مثل نطقكم.
وقال المازني: إن {مثل} مع {ما} بمنزلة شيء واحد فبني على الفتح.
وقال سيبويه: هو مبنيّ لإضافته إلى غير متمكن، واختار هذه القراءة أبو عبيد، وأبو حاتم. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر، والأعمش: {مثل} بالرفع على أنه صفة لحقّ لأن مثل نكرة وإن أضيفت، فهي لا تتعرّف بالإضافة كغير.
ورجح قول المازني أبو عليّ الفارسي قال: ومثله قول حميد:
وويحاً لمن لم يدر ما هنّ ويحما

فبني ويح مع ما ولم يلحقه التنوين، ومعنى الآية تشبيه: تحقيق ما أخبر الله عنه بتحقيق نطق الآدمي ووجوده، وهذا كما تقول: إنه لحق كما أنك ها هنا، وإنه لحق كما أنك تتكلم، والمعنى: أنه في صدقه ووجوده كالذي تعرفه ضرورة.
وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، والبيهقي في الشعب من طرق عن علي بن أبي طالب في قوله: {والذريات ذَرْواً} قال: الرياح {فالحاملات وِقْراً} قال: السحاب {فالجاريات يُسْراً} قال: السفن {فالمقسمات أَمْراً} قال: الملائكة.
وأخرج البزار، والدارقطني في الإفراد، وابن مردويه، وابن عساكر عن عمر بن الخطاب مثله، ورفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي إسناده أبو بكر بن سبرة، وهو لين الحديث، وسعيد بن سلام، وليس من أصحاب الحديث، كذا قال البزار.
قال ابن كثير: فهذا الحديث ضعيف رفعه، وأقرب ما فيه أنه موقوف على عمر.
وأخرج الفريابي، وابن مردويه عن ابن عباس مثل قول عليّ.
وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس {والسماء ذَاتِ الحبك} قال: حسنها واستواؤها.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه في الآية قال: ذات البهاء والجمال، وإن بنيانها كالبرد المسلسل.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال: ذات الخلق الحسن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ابن عمر مثله.
وأخرج ابن منيع عن عليّ قال: هي السماء السابعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} قال: يضلّ عنه من ضلّ.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً: {قُتِلَ الخرصون} قال: لعن المرتابون.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: هم الكهنة {الذين هُمْ في غَمْرَةٍ ساهون} قال: في غفلة لاهون.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: الغمرة: الكفر والشك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال: في ضلالتهم يتمادون، وفي قوله: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} قال: يعذبون.
وأخرج هؤلاء عنه أيضاً في قوله: {ءاخِذِينَ مَا ءاتاهم رَبُّهُمْ} قال: الفرائض {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} قال: قبل أن تنزل الفرائض يعملون.
وأخرج هؤلاء أيضاً، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عنه أيضاً {كَانُواْ قَلِيلاً مّن اليل مَا يَهْجَعُونَ} قال: ما تأتي عليهم ليلة ينامون حتى يصبحوا إلاّ يصلون فيها.
وأخرج ابن نصر، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً في الآية يقول: قليلاً ما كانوا ينامون.
وأخرج أبو داود، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن أنس في الآية قال: كانوا يصلون بين المغرب والعشاء.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عمر {وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} قال: يصلون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: {فِى أموالهم حَقٌّ} قال: سوى الزكاة يصل بها رحماً، أو يقري بها ضيفاً، أو يعين بها محروماً.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال: السائل الذي يسأل الناس، والمحروم الذي ليس له سهم من فيء المسلمين.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: المحروم هو المحارف الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه، ولا يسأل الناس، فأمر الله المؤمنين برفده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في الآية قالت: هو المحارف الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه.
وأخرج الترمذي، والبيهقي في سننه عن فاطمة بنت قيس، أنها سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية قال: «إن في المال حقاً سوى الزكاة»، وتلا هذه الآية {لَّيْسَ البر أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ} إلى قوله: {وَفِي الرقاب وَأَقَامَ الصلاة وَءاتَى الزكواة} [البقرة: 177].
وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن الزبير في قوله: {وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} قال: سبيل الغائط والبول.